الاثنين، 6 أكتوبر 2014

النمو المعرفى عند بياجيه

نظرية بياجية
مقدمة عن بياجيه (1896 – 1980)

عالم نفس سويسري ساهم في تطور علم النفس المعرفي

ولد جان بياجيه في 9 اغسطس من عام 1896 وتوفي في 16 سبتمبر من عام 1980.

 حصل على الدكتوراه في العلوم الطبيعية عام 1918 وعمره اقل من 22 عاما من جامعة University of 
.Neuchâtel, Switzerland.

 وقام بدراساته بعد الدكتوراه بين عامي 1918-1919 في التحليل النفسي.

 نشر العديد من البحوث بداية من عام 1907 وعمر 10 سنوات في علم الأحياء. ونشر أول دراسة له 
في علم النفس عام 1921 عن الذكاء، ثم توالت دراسته عن الطفولة والنمو المعرفي والمعرفي 
الاجتماعي بشكل خاص.

 احتل العديد من المناصب الأكاديمية والإدارية بالجامعات ومنها جامعة تيوشتيل وجنيف والسربون. 
اشتهر بياجيه بنظريته في النمو المعرفي والتي جعلت منه واحدا من أهم المؤثرين في علم النفس 
المعاصر ووجهت العديد من الباحثين والمنظرين من بعده.


نظرية بياجيه

تؤكد نظرية بياجيه على أن التطور المعرفي لدى الفرد يحصل من خلال التفاعل النشط بينه وبين البيئة 
من خلالها يتكون لدى الفرد بنى معرفية تتطور مع الزمن ويكون الفرد معرفته من خلال ثلاث عمليات 
التماثل والمواءمة والتنظيم وهي أدوات تفاعل الفرد مع البيئة وهذا التطور يمر بأربع مراحل ثابتة 
ومتتابعة وتتأثر كل مرحلة بأربع عوامل

مراحل النمو المعرفي عند بياجيه
1- المرحلة الحس- حركية Sensorimotor Stage

وتبدأ هذه المرحلة من الولادة حتى سنتين من العمر, وتتصف هذه المرحلة بأن الطفل يكون غير قادر 
على الكلام لأنه لا يوجد لديه كلمات, ويقوم الطفل بالرضاع والحركة والبكاء ومتابعة الأجسام المتحركة 
حوله بالنظر. وفي هذه المرحلة يتعلم الطفل التنسيق بين الحواس وبين السلوك الحركي مثل تحريك 
اليد للمحاولة في القبض على الأشياء حوله, أو تحريك العين ومتابعة الأجسام حوله. فالطفل في هذه 
المرحلة يتفاعل مع بيئته بحواسه وبأعضائه أكثر من تفاعله معها بتفكيره, ولا تكون لديه معارف ثابتة 
وأي شيء يختفي عن نظره ولا يتمكن من رؤيته لا يحاول البحث عنه, ويقول بياجيه إن الأشياء الغائبة 
عن الحواس تكون غائبة عن التفكير في هذه المرحلة.

2- مرحلة ما قبل العمليات Preoperational Stage

تبدأ هذه المرحلة عندما يكون عمر الطفل سنتين وتنتهي عندما يكون عمره سبع سنوات (2-7 سنة) 
تقريباً, وسميت بهذا الاسم لأن الطفل في بداية هذه المرحلة لا يستطيع القيام بإجراءات كثيرة مثل 
تكوين مفاهيم حفظ المادة والطول والوزن وعدم القدرة على تصنيف الأشياء باستخدام أكثر من صفة 
واحدة مثل صفة اللون وصفة الحجم. وفي هذه المرحلة يكون الطفل معتمداً جداً على الأشياء التي 
حوله في بيئته ولا يستطيع الطفل أن يعالج أو يتفاعل مع أكثر من شيء واحد في عقله وفي نفس 
اللحظة, وفي المراحل المتأخرة من هذه المرحلة يبدأ الطفل بتكوين المفاهيم, ويبدأ في تصنيف 
الأشياء على أسس معينة, وقد يكون هناك بعض الأخطاء في التصنيف وخاصة أثناء عملية التعميم. 
ويكون التعامل مع الأشياء المحسوسة أكثر من فاعلية ولا يستطيع أن يرتب الأشياء عقلياً, ويكون تركيز 
الطفل منصباً على شيء واحد ولا يستطيع استعادة الأحداث الماضية أو إيجاد عكس الأشياء.

3- مرحلة العمليات المحسوسة Concrete Operational Stage

تمتد هذه المرحلة من السنة السابعة إلى السنة الحادية عشرة من العمر, ويبدأ الطفل في الاحتفاظ 
بما يتعلم, ولكن تفكير الطفل مقيد بدرجة كبيرة بالأشياء المحسوسة وتفاعلاته معها, فالطفل في هذه 
المرحلة يكون قادراً على ترتيب الأشياء من الصغير إلى الكبير, ويمكنه القيام ببعض العمليات المعقدة 
طالما أنه يتعامل مع الأشياء المحسوسة والبعيدة عن التجريد, كتعامله مع أنواع الثمار والحيوانات 
الأليفة. أما الأشياء المجردة كالتمثيل الغذائي أو نمو الأجنة فلا يدركها الطفل في هذه المرحلة.

4- مرحلة العمليات المجردة Formal Operational Stage

تبدأ هذه المرحلة من سن الثانية عشرة إلى سن البلوغ, ويكون الفرد قادراً على التعامل مع الأشياء 
المجردة, ويستطيع أن يخزن في ذهنه قدراً كبيراً من المعلومات التي يستخدمها عند الحاجة إليها. 
فقد يكون الفرد قادراً على فرض الفروض دون أن يكون هناك أشياء محسوسة ويكون قادراً على التصور 
والتخيل وممارسة الحلول بالطرق العقلية, ويواجه المشكلات ويحاول حلها باستخدام أكثر من عامل أو 
مؤثر في نفس الوقت.

العوامل المؤثرة في النمو المعرفي

النضج العصبي

النضج العصبي عامل اساسي لحدوث عملية النمو العقلي ، فكلما زاد عمر الطفل كلما زادة قدرته 
على التفكير، يختص هذا العامل بعملية النضج العصبي, حيث إن الفرد عندما ينمو طبيعياً يكون نموه 
متكاملاً في جميع أجهزة الجسم ومنها الجهاز العصبي, والجهاز العصبي هو المسؤول الأول عن 
التفكير وعمليات التفكير الأخرى, وبهذا فالنضج العصبي عامل أساسي لحدوث عملية النمو العقلي, 
فكلما زاد عمر الطفل زادت قدرته على التفكير, وعلى هذا الأساس فرّق بياجيه بين النضج الجسمي 
وبين النضج العقلي.

الخبرة

أن الطفل يتعلم عندما يتفاعل مع بيئته الطبيعية, ويكون هذا التعلم أكثر فاعلية ووضوحاً في المراحل 
الأولى من تقسيم بياجيه, وخاصة مرحلة التفاعل أو التعامل مع الأشياء المحسوسة في البيئة, ومن 
خلال التفاعل مع البيئة يستطيع الطفل أن يكون أو يبني فكرة أو عدة أفكار عن الأشياء التي يتعامل 
معها, وعن البيئة, والتفاعل بين كل من البيئة ومكوناتها. كلما تعرض الطفل لخبرات اكثر كلما تعلم اكثر 
وقد فرق بياجيه بين نوعين من الخبرة هما:

أ‌- الخبرة المادية الحسية: وتحدث نتيجة تفاعل الطفل مع الاحداث والاشياء التي في البيئة

ب‌-الخبرة المنطقية الرياضية: وترتبط بالافعال التي يقوم بها الطفل على مجموعة من الاشياء

التفاعل الاجتماعي

يؤدي تفاعل الطفل مع من حوله في بيئته دورا هاما في نموه المعرفي ، ومن خلاله يتعلم اللغة 
وينتقل اليه التراث الثقافي، ويغير وجهة نظره او معلوماته عن كثير من الامور وأثبتت العديد من 
الدراسات والبحوث التربوية أن الأطفال يتعلمون بعضهم من بعض ويتأثرون ببعضهم, والخبرات 
الاجتماعية تركز على الخبرات التي تنتج عن التفاعل بين الطفل وزملائه في المدرسة أو خارج 
المدرسة. حيث يناقش الطفل زملائه ويجادلهم ويأخذ ويعطي معهم أكثر مما يفعل مع المعلم خوفاً من 
المعلم أو حتى خوفاً من الخطأ أمام معلمه. ويرى الطفل في بداية حياته أن رأيه وأفكاره دائماً هي 
الصحيحة وما سواها غير صحيح, ويجب على الآخرين موافقته على ما يرى أو يفكر فيه, وهذا يعرف 
بالمركزية في التفكير. ومع نمو الطفل واحتكاكه بأفراد مختلفين تبدأ هذه الظاهرة ( المركزية في 
التفكير ) بالتناقص شيئاً فشيئاً. فيبدأ الطفل بالاستماع إلى آراء الآخرين وتقبل أفكارهم, ومعرفة 
اختلاف وجهات النظر من فرد إلى آخر.

التنظيم الذاتي

يعتبره بياجيه من اهم العوامل المسؤلة عن النمو المعرفي للطفل، فمن خلاله يحدث النمو والتعديل 
المستمر في التركيب المعرفية الموجودة لديه.
فقد ينتج من تفاعل الطفل مع بيئته مثيرات غريبة ويتعين على الطفل ان يستخدم التراكيب الموجودة 
لديه من اجل تفسيرها فان لم يتمكن من ذلك تولدت لديه حالة استثارة معرفية اطلق عليها بياجيه 
عدم الاتزان وتلك الحالة تدفع الطفل للقيام بعدة انشطة ذهنية وحركية تعينه على فهم تلك المثيرات 
وهذه الانشطة من شأنها أن تؤدي الى تراكيب معرفيه جديده تناسب المتغيرات التي طرأت على 
البيئة وتعين الفرد على استعادة حالة الاتزان التي كان قد فقدها.
ويرى بياجيه ان هذه التراكيب تشكل الاساس في تفكير الفرد وفي توجيه سلوكه وانهببناء تلك 
التراكيب واعادة بنائها من خلال عملية التنظيم الذاتي يحدث مايسمى بالنمو المعرفي
ويفترض بياجيه حدوث عمليتين اساسيتين بالمخ اثناء عماية التنظيم الذاتي هما:

1- المماثلة Accimulation
وهي عملية عقلية مسؤلة عن استقبال المعلومات من البيئة ووضعها في تراكيب معرفية موجودة لدى 
الفرد، فهي تشمل عملية تكوين فكرة جديدة عن أي منبه يتعرض له أو يواجهه الفرد ولأول مرة. وفي 
هذه المرحلة يتم تكوين صورة لأي شيء أو حدث يمر به الفرد والذي يؤدي إلى إخلال البنية المعرفية 
(إخلال التوازن الذهني) لأنه لا يوجد صورة ذهنية عن هذا الشيء أو الحدث الجديد, وقد يكوّن الفرد 
بنية معرفية جديدة لهذا الشيء أو الحدث الجديد.
2- المواءمة Accomdationوهي عملية عقلية مسؤلة عن تعديل هذه التراكيب المعرفية لتناسب مايستجد من مثيرات.

وتتضمن المواءمة تغييراً في الاستجابة للمتطلبات البيئية, وهذه العملية تضم الحصول على مخططات 
جديدة ( بنية معرفية جديدة) وتحوير وتعديل الأبنية المعرفية السابقة لتصبح موافقة للمعلومات 
الجديدة. وعمليات الموافقة أو المواءمة مهمة جداً عند مواجهة معلومات أو أحداث جديدة تتطلب تكيفاً, 
لأن الفرد قد لا يكون جاهزاً لتقي هذه المعلومات أو الأحداث ببنيته الحالية,

وهذه العمليتان مكملتان لبعضهما ويترتب عليهما تصحيح التراكيب المعرفية واثراؤها وجعلها اكثر قدرة 
على التعميم وتكوين المفاهيم.

مفهوم الذكاء عند بياجيه:

رفض بياجيه تعريف الذكاء بناء على عدد الإجابات الصحيحة في مقاييس الذكاء, وأكد أن الذكاء يسمح 
للكائن الحي بالتفاعل والتعامل مع البيئة بفعالية, وبما
أن الإنسان والبيئة في تغير, فإن التفاعل يكون متغيراً تبعاً لذلك. ولذلك فإن بياجيه يؤكد أن الذكاء ينمو, 
ويركز على أن المعرفة محاكاة أو تمثيل نشط للحقيقة لتكوين بناء أو بنية معرفية ابتداء من الأشياء 
السهلة إلى الأشياء الصعبة أو الأكثر تعقيداً

نقد النظرية:

إيجابيات النظرية:

1- راعى المستويات العقلية للمتعلم بصورة متدرجة من المحسوس إلى المجرد

2- تضمين الموقف التعليمي التعلمي خبرات حسية، يسرعلى كل من المعلم والمتعلم إنجاز أهداف 
التعلم

3- الخبرات التي تتضمن تحديا لتفكير المتعلم بدرجة كبيرة تقود إلى تعلم فعال ومثمر

4- اهتم بالعلاقة بين الطفل والبيئة وأن الطفل لا يتعلم لوحده لكن تدخل البيئة في اكتساب الطفل 
للاستعدادات العصبية والفكرية.

سلبيات النظرية:

1- من الصعب تصور العلاقة بين البنية المعرفية والسلوك أو الأداء، حيث تعطي هذه النظرية أهمية 

كبيرة للقدرات المعرفية، في حين تهمل المهارات الأدائية كالكتابة مثلا.
2- التركيز على الدافعية الداخلية، وإهمال الدافعية الخارجية( التعزيز والعقاب)
3- عدم تمكين المعلم من التنبؤ بأنماط استجابات المتعلم أوسلوكه
4- عدم تزويد المعلم بوصف دقيق للمتغيرات البيئية التي تنتج تغيرات حقيقية في البنية المعرفية، 

حيث لايحدد هذا النموذج كيفية تقديم المواد التعليمية التي تساعد المتعلم على تمثل الخبرات أو 

المعلومات الجديدة

الجمعة، 19 سبتمبر 2014

العلاقة بين أطوار نمو الدماغ ومراحل النمو العقلي وآثارها على عمليّة التعلّم والتعليم



تجمع أبحاث الدماغ على أنّ دماغ الإنسان يبدأ في التطور بعد الحمل بثلاثة أسابيع حيت تتطور آلاف الخلايا الجديدة في كل دقيقة مصحوبة بنمو سريع في الفترة من ثمانية أسابيع إلى ثلاثة عشر أسبوعا.

يزن الدماغ عند الولادة ما يقرب من 370 غراما. ويتعاقب النمو تبعا لتسلسل منطقي. فالأجزاء التي تنظم العمليات الأساسية كالوعي والدورة الدموية والتنفس مثلا تكون في كامل عملها ووطيفتها عند الولادة، وذلك لأنّها ضرورية لبقاء الطفل على قيد الحياة. أمّا الأجزاء التي تنظم الوظائف الأقل أهمية كالحركة واللغة مثلا فإنّها تكتمل بعد الولادة.
يضيف الدماغ ما يقرب من 370 غراما أثناء السنة الأولى بعد الولادة. يطرأ الجزء الأكبر من هذه الزيادة على المخيخ الواقع في مؤخرة الرأس. يعتبر المخيخ الطيار الآلي للدماغ. فهو الذي ينسق أعمال المجموعات العضلية المتعلقة بالأعمال المعقدة التي يقوم بها الإنسان بدون توجيه واعي كالأكل مثلا. فكلما زاد المخيخ نموا زادت مقدرة الطفل على تعلم أشياء أخرى كالزحف والمشي ومن ثمّ الجري (Sylwester, 1982).

أمّا الجزء الثالث والأخير من وزن الدماغ فيتطور ما بين السنة الثانية والسنة السادسة عشرة ليصبح وزنه حوالي (1300) غرام تقريبا. هذا النوع من النمو التدريجي ينقل الرضيع الصغير من حالة اعتماده الأولى وعدم قدرته على الكلام إلى حالة الاستقلال والعقلانية والقدرة على الاتصال كما يفعل الكبير تماما. ولقد تجاهل كثير من الباحثين الجزء الأخير في الزيادة ولم يولوه الاهتمام الكافي وذلك لسببين: أولاهما، لأنّ الدماغ يتوقف عن إنتاج خلايا عصبية جديدة وتبدأ الوحدات الرئيسة في الدماغ في التطور بعد السنة الثانية عشرة من عمر الطفل.

ثانيهما، هو أنّ هؤلاء الباحثين لم يأخذوا في اعتبارهم إمتداد نمو جزء كبير من الدماغ (490) غراما على مدى ستة عشرة سنة (Sylwester, 1982).

لكن إبستين Epstein (1978) اعتقد أنّ نموا مقداره (490) غراما لا يمكن أن يكون مسألة غير منطقية. ممّا حدا به إلى التحقق من ذلك في مجمل أبحاثه الخاصة بنمو وتطور الدماغ والتي كشفت عن أهميتها في عملية التعلم والتعليم.

هذه الدراسة ستحاول إلقاء الضوء على نظرية نمو وتطور الدماغ المرحلي (أي على أطوار وفترات) Growth Spurts كما تعرض لها إيبستين Epstein، وكذلك ستتطرق إلى علاقة هذا النمو المرحلي بالنمو العقلي (الإدراكي) Cognitive Development كما تعرض له جان بياجيه Jean Piaget وأخيرا ستحاول استنباط بعض آثار ونتائج ذلك على عملية التعلم والتعليم.

أطوار نمو الدماغ
إن أطوار نمو الدماغ حقيقة علمية ثابتة كما هي حقيقة مراحل النمو العقلي كما عرفها بياجية وأتباعه. لقد توصل إيبستين Epstein (1974) ،عند دراسته للأبحاث التي عنيت بوزن وحجم الدماغ ومحيط الرأس، إلى أن نمو الدماغ إنما يتم على فترات زمنية (أطوار مفاجئة) يمتد كل طور إلى ستة شهور. هذه الأطوار تقع بين الفترات الزمنية التالية:
ما بين الشهر الثالث والعاشر من عمر الطفل
ما بين السنة الثانية والرابعة من عمر الطفل
ما بين السنة العاشرة والثانية عشرة من عمر الطفل
ما بين السنة الرابعة عشرة والسادسة عشرة من عمر الطفل

يتبع كل طور نمو دائما فترة استقرار وركود نسبي في نمو الدماغ أي فترة استرخاء حيث يكون النمو فيها بطيئا ولذلك لإتاحة المجال للتكامل ما بين نمو الدماغ والنمو العقلي.

ولعلمنا أن الدماغ يتوقف عن تكوين خلايا جديدة بعد 18 شهرا تقريبا منذ الولادة، فالسؤال هو أين تكون الزيادة أو النمو في الدماغ؟ من النتائج المستخلصة من الدراسات والأبحاث البيولوجية ندرك أن الزيادة في وزن الدماغ بعد الشهر الثامن عشر من الولادة تعكس تغيرات في الخلايا نفسها وخاصة في البروتين وفي حامض الريبونكليكي RNA وفي الدهنيات وكذلك في الماء أيضا. تزداد هذه المواد نتيجة نمو الخلايا المتمثل في ازدياد التفرعات في المحاور العصبية وفي الشعيرات الهيولية Dendrites وكذلك في المادة العازلة التي تنمو على المحاور العصبية والتي يطلق عليها الغمد النخاعي Myelin Sheath . فمثل هذا النمو (الغمد النخاعي) يزيد من فاعلية نقل الرسائل العصبية، بينما تزيد المخ وتفرعات الخلايا من تغيير التعقيدات الشبكية العصبية لتساعد على زيادة تعقيد المهارات والوظائف العقلية (Epstein, 1980) .

إن محيط الرأس (الحمجمة) دليل آخر على نمو وتطور الدماغ. يتم قياس محيط الرأس من أعلى الأذنين تماما. إن أية زيادة في حجم الدماغ، من الطبيعي، أن تصب في زيادة أبعاد الجمجمة. قام وينيك وروسو Winick and Rosso (1969) بقياس وزن الدماغ ومحيط الرأس أي الجمجمة لضحايا حوادث. كانت النتيجة انهما وجدا علاقة سببية بين وزن الدماغ وحجم ومحيط الجمجمة. وبالتالي يمكن استخدام محيط الجمجمة كمؤشر لما يحدث في وزن الدماغ.

إن الإنتكاسات التي تطرأ على تطور ونمو الدماغ بعد الولادة تتمثل في سوء التغذية والحرمان البيئي. إن سوء التغذية يتسبب في نقص عدد الخلايا العصبية وبالتالي نقص في التعقيد الشبكي لهذه الخلايا. أما الحرمان البيئي (مثل فقدان الخبرات) فهو سبب هام من أسباب الأداء المتواضع لدى كثير من الأطفال المحرومين من التنوع البيئي الغني بالتجارب والخبرات العقلية والتعليمية. من هنا تأتي أهمية التجارب التي يمر بها الأطفال أثناء التطور العقلي.

إن دور التجربة التعليمية هو إنتقاء واختيار شبكات عصبية لها جذور وراثية. فإذا لم تتوفر التجربة التي يحتاج إليها مثل هذا البناء العصبي فلربما تتسبب في فقدان، وإلى الأبد، الوظائف الناتجة عن الشبكات العصبية المفقودة. ومن المحتمل أن تحل شبكة عصبية أخرى مكان الشبكة المفقودة أثناء تطور الدماغ لأداء الوظيفة المفقودة ولكنها تكون ذات استراتيجية ثانوية لييس لها تأثير قوي. وبهذه الطريقة نستطيع فهم دور التجربة والبيئة في تشكيل معارف وعقول الأطفال وكذلك ندرك مدى العواقب الوخيمة من جرّاء فقدان التجربة أو فقدان التوازن في بدايات العمر ما بين الطفل والبيئة.

إن تحليل المعلومات عن طريق ملاحظة الزيادة الزمنية (أي كل سنتين) كما أوضحا إبستين Epstein (1980)، تشير إلى أن لنمو وتطور الدماغ وجهين:

 الأول، يظهر زيادة وزن الدماغ المتعلق بزيادة وزن الجسم
 والثاني، يظهر الزيادة على شكل أطوار حيث يتراوح مقدار الزيادة بنسبة 5-10% من وزن الجسم أثناء الأطوار 2-4 سنوات، 6-8 سنوات، 10-12 سنة، و 14-16 سنة. ومما هو جدير بالذكر ايضا أن مقدار النمو في الطور الواقع في فترة 10-12 سنة يكون أكبر بكثير عند الإناث منه عند الذكور حيث تبلغ الزيادة عند الإناث ثلاثة أضعاف الزيادة عند الذكور. وتنعكس الآية في طور النمو الممتد ما بين 14-16 سنة حيث يكون مقدار النمو أكبر بكثير عند الذكور (Sylwester, 1982) .

لقد استدلّ العلماء والباحثون على وجود مثل هذا النمو المرحلي (أي على أطوار) من دراسة تطور وظائف الدماغ الحسية لما لها من إرتباط بموضوع الإستعداد والميل للتعلم. وأول هذه الوظائف:

الرؤية: إنّ جميع حواس الإنسان تعمل عند الولادة إلى درجة كبيرة. ولكن هذه الحقيقة لا تشير إلى أنّها تعمل عند الأطفال بنفس الطريقة التي تعمل بها عند الكبار. إنّّ الوليد الجديد يتحرّى الصوء ولاحركة من حوله مثلا، ولكنه لا يستطيع قطعا أن يميز بين عالمه هو والعالم الخارجي المحيط به. فمن الواضح إذن أن هناك عناصر إكتمال ونضج للجهاز البصري. لقد أثبتت الأبحاث أن ثنائية الرؤية مثلا (الرؤية بكلتا العينين) تبدأ في التطور خلال السنة الأولى من العمر، وبدون هذا النوع من الإبصار تكون نظرة الرضيع إلى العالم مختلفة كثيرا عنها عند الكبار (Epstein, 1980) .

وأكثر من ذلك تزودنا العمليات الجراحية التي تجرى لتصحيح الحول بمعلومات إضافية عن مدى إكتمال ونضج الرؤية الثنائية؟ لقد أوضح بانكس Banks (1975) وآخرون أنه إذا كان الحول منذ لحظة الولادة وحتى السنة الثانية من العمر، تستطيع الجراحة تصحيح الحول في السنة الثانية بنسبة 75%. ويرجع الباحث عدم إكتمال التصحيح إلى أن 25% من الرؤية تبرمج في الدماغ خلال السنة الأولى من عمر الطفل. ولعل الأكثر وضوحا على مدى إرتباط هذه الوظيفة (الرؤية الثنائية) بنمو الدماغ ما أشير إليه بشأن تأثير العملية الجراحية التصحيحية حتى السنة الرابعة من العمر أو أكثر. عندئذ لا يطرأ أي تحسن أو تطور على ثنائية الرؤية بتاتا. أمّا إذا ظهر الحول بعد الخمس سنوات من العمر، فإنّ نسبة نجاح العملية التصحيحية في أي عمر بعد ذلك تبلغ 100%. يستنتج من ذلك أن القسم الأكبر من الرؤية الثنائية تتم برمجته في الدماغ ما بين سنتين وأربع سنوات من العمر حيث تتصادف مع أحد أطوار نمو الدماغ (2-4 سنوات)، وكذلك تطور بعض الرؤية الثنائية خلال السنة الأولى من العمر (25%) كما أسلفنا إنمذا توازي تطور نمو الدماغ الواقع ما بين الثلاث والعشر أشهر الأولى من عمر الطفل.

أمّا الدليل الثاني على نمو الدماغ على أطورا فيرجع إلى حاسة السمع. فإلى عهد قريب كان الأطفال المصابون بالصمم الشديد ينتهي بهم المطاف إلى مراكز التخلف العقلي. ولكنّ تقدما ملحوظا طرأ على تدريب وتعليم مثل هؤلاء الأطفال على استخدام اللغة. أعاد هذا التدريب إلى هؤلاء الأطفال الثقة بأنفسهم. حيث قام ويدينبيرغ Wedenberg (1954) بتطوير طريقة تساعد على التدريب السمعي. لقد نجح أطفال تتراوح أعمارهم ما بين ثماني وتسع سنوات في اكتساب جزء قليل من المفردات. بينما لو بدئ التدريب السمعي نفسه في أي فترة تعقب الولادة حتى سنتين من العمر لوصلت نسبة النجاح إلى حوالي 80% بل والوصول إلى مستويات مقبولة في اللغة وخاصة المفردات. فلو تأخر تدريبهم حتى ثلاث سنوات لتناقصت نسبة النجاح في تحصيل المفردات إلى 5% من المستوى الطبيعي. إذن تشير هذه المعلومات إلى أن الدماغ يبرمج السمع المتصل باللغة في فترة (2-4 سنوات) من العمر. نلاحظ هنا مرة أخرى أن وظيفة السمع متلازمة مع طور من أطوار نمو الدماغ الواقع ما بين (2-4 سنوات).

أمّا الدليل الثالث على علاقة الوظائف العقلية بنمو الدماغ المرحلي فهو متعلق باللغة. لقد قام لينيبيرغ Lenneberg (1967) بدراسة أطفال تمت معالجتهم من حوادث أو تورمات أثّرت على الجانب الأيسر من الدماغ والتي أثّرت بالتالي على إنتاج اللغة عندهم. توصّل هذا الباحث إلى أنه إذا كان الحادث أو التلف قد حصل عند الولادة حتى عشرين شهرا من العمر، يستطيع الطفل تطوير اللغة بصورة كاملة تقريبا. لكن إذا حصل الحادث أو الإصابة بعد عشرين شهرا حتى أربع سنوات من العمر، يفقد الطفل لغته ويعود إلى مرحلة بدائية (مرحلة المناغاة والثرثرة) ويبدأ في تعلم اللغة من جديد. أمّا إذا حصل الحادث أو الإصابة بعد أربع سنوات من العمر فإن الطفل يسترجع لغته كما أنه يشفى من الصدمة بصورة عامة. هكذا فالمعلومات تشير إلى أن دماغ الطفل يبرمج لغويا في الفترة ما بين عشرين شهرا وأربع سنوات من العمر حيث تتلازم هذه الفترة مع طور من أطوار نمو الدماغ المقترحة والواقع ما بين (2-4 سنوات).

مراحل النمو العقلي
ترجع فكرة مراحل النمو العقلي إلى أكثر من خمس وسبعين سنة خلت. فقد قدم وايتهيد Whitehead (1929) تقسيما زمنيا للنمو العقلي لدى الأطفال شبيها بذلك التقسيم الذي عرفناه عند بياجيه Piaget . يرى وايتهيد مثلا بأنه ما بين 2-4 سنوات من العمر يخرج الطفل من مرحلة الإنجاز الإدراكي إلى مرحلة اكتساب اللغة. وينتهي الطور التالي في حوالي السنة السابعة من العمر والذي يتصف بتصنيف الأفكار والإدراك القوي والواضح. أما قوة الملاحظة والسيطرة فتظهران ما بين السنة الثامنة والثانيةعشرة من العمر. وأما الفترة الواقعة ما بين 12-15 سنة فيجب التركيز خلالها على اللغة لأن البراعة في اللغة والعلوم تنتهي عند الخامسة عشرة. يتضح من ذلك أن هناك إتفاقا كبيرا بين المراحل التي تصورها وايتهيد وتلك التي وضعها جان بياجيه خلال أربعين سنة من العمل والجهد المتواصلين.

وجّه فايغوسكي Vyagotsky (1974) إنتباه علماء النفس إلى التفاصيل الحقيقية في تطور الذكاء والإدراك الإنساني. لقد عرّف الفترات الحرجة على أنها أوقات تطور أو تغيّر سريع يحدث عند الأطفال وترتبط بالإنتقال من مستوى عقلي إلى مستوى عقلي آخر. يقول فايغوسكي أيضا أن الفترات الحرجة تحدث في السنة الأولى وفي السنة الثالثة وفي السنة السابعة من العمرز أما سن الثالثة عشرة فيتصف بالركود والإستقرار ، ولاحظ أيضا أنه لا يوجد فترات حرجة بعد السنة السابعة عشرة حتى سن البلوغ والرشد. وهنا أيضا نرى اتفاقا بين الفترات الحرجة هذه وبين نتائج تجارب جان بياجيه وأتباعه.

إن دراسات بياجيه كانت وما زالت المصدر الرئيس للدلائل التجريبية على وجود أربع مراحل رئيسة في نمو الذكاء والإدراك والمعرفة الإنسانية (Piaget, 1969). وهذه المراحل هي:

 المرحلة الأولى، تمتد منذ الولادة وحتى السنة الثانية من العمر ويطلق عليها المرحلة الحسية الحركية Sensorimotor.
المرحلة الثانية، تمتد من السنة الثانية وحتى السنة السابعة من العمر ويطلق عليها مرحلة ما قبل العمليات الحسية Preoperational.
 المرحلة الثالثة، وتمتد من السنة السابعة وحتى السنة الحادية عشرة ويطلق عليها مرحلة العمليات الحسية Concrete Operations .
 المرحلة الرابعة، وتمتد من السنة الحادية عشرة وحتى السنة الخامسة عشرة ويطلق عليها مرحلة العمليات المجرّدة Formal Operations.

لقد ثبت بالتجربة لدى بياجيه وأعوانه أن معظم الأطفال يمرون عبر هذه المراحل الأربعة. تعززت هذه النظرية بتجارب أخرى كثيرة وأهمها ما قام به ويب Webb (1974) من دراسة وجود الحلقة الرابطة بين نظرية بياجيه وبين العمر الزمني للطفل. لقد درس ظهور المرحلة الرابعة (مرحلة العمليات المجردة) لدى أطفال تتراوح أعمارهم ما بين السادسة والحادية عشرة ويتمتعون بمعامل ذكاء مرتفع (160 نقطة) مما يجعل أعمارهم العقلية تقع بين عشر سنوات وثماني عشرة سنة. لقد جاءت النتائج واضحة لا لبس فيها. لم يظهر أي طفل من الشريحة المشاركة في التجربة أي أثر لوجود المرحلة الرابعة قبل السنة الجادية عشرة من عمر الطفل الزمني. وكذلك وجد بروان Brown (1973) نتائج مشابهة وذلك في ظهور المرحلة الثالثة (مرحلة العمليات الحسية) في السنة السابعة.

إن وصف بياجيه لفترات النمو والإستقرار في تطور الذكاء والمعرفة لهو وصف علمي دقيق يتفق مع وصف نمو الدماغ المرحلي فيما عدا الطور الأخير الواقع م بين (14-16) سنة حيث لا يوجد له مثيل في نظرية جان بياجيه. إلاّ أن العلاقة التي لوحظت بين أطوار نمو الدماغ عند إيبستين وبين مراحل النمو العقلي عند بياجيه شجعت بعض الباحثين على التنبؤ بمرحلة تطور عقلي خامسة تعقب مراحل بياجيه الأربعة. لقد أشارت آرلين Arlin (1975) إلى وجوج مثل هذه المرحلة في التطور العقلي. لقد قامت بدراسة مجموعة من طالبات الجامعة تتراوح أعمارهن ما بين 19 و 21 سنة وأطلقت على المرحلة الخامسة الجديدة مرحلة إيجاد المشكلة Problem Finding لتميزها عن مرحلة حل المشكلة Problem Solving وقد يطلق عليها مرحلة التفكير الإبداعي.

التكامل بين أطورا نمو الدماغ وبين مراحل النمو العقلي
في أثناء أي طفرة من طفرات النمو يعزز الدماغ الإمتدادات ووالتوصيلات العصبية اللازمة للقيام بوظائف جديدة. وتلاحظ هذه العملية بسهولة عند بداية الكلام التلقائي العفوي. في خلال مدة قصيرة نسبيا، نرى طفلا عمره سنتان ينتقل من مجرد صيحات وكلمات متفرقة هنا وهناك إلى بناء جمل معقدة. لا يمكن إنجاز مثل هذا الكلام الواضح إلاّ بعد تطور الإمتدادات العصبية التي تربط مراكز الكلام في الدماغ ببعضها البعض.

فعلى هذا الأساس هل يمكن التحكم في نمو دماغ الطفل أثناء طفرة النمو التي يمر بها؟ لا يوجد هناك إجابة محددة على مثل هذا التساؤل، ولكن يتقتضي التنويه بأن التغذية الجيدة والإستثارة الفكرية والتجارب التعليمية تؤثر بشكل إيجابي على نمو الدماغ وربما تزيد في نمو الشبكات العصبية التي تزيد من فاعلية الدماغ في معالجة وتحليل المعلومات وحل المسائل المعقدة، والأبحاث في هذا المجال مستمرة. لاحظ روزنزويغ Rosenzwig مثلا إزديادا في كثافة قشرة المخ في أدمغة الفئران التي نشأت في بيئة غنية بالطعام والمثيرات والحوافز. ليس من المعروف حتى الآن أين يحدث النمو بالتحديد في كل طفرة. يمكن إستخلاص بعض ذلك من طبيعة القدرات العقلية الجديدة التي تظهر عند الطفل خلال طفرة النمو المحددة. فمثلا يظهر الكلام في حوالي السنة الثانية من العمر وتظهر القراءة عند السنة السادسة من العمر . هذا يتزامن مع نمو هام يحدث في منطقة تقع في النصف الأيسر من المخ يطلق عليها التلفيفة الزاويّة Angular Gyrus. هذه المنطقة مسؤولة عن تفسير المعلومات الحسية التي ترد إليها من فلقات الدماغ التي تعالج اللمس والبصر والسمع. هي الجزء الذي يساعد الإنسان على سماع خرخرة القطة النائمة يعقله ويحس بفروتها عندما يقرأ ويكتب كلمة قطة. إن القراءة والتحدث والكتابة وحل المسائل والحساب اليدوي وكل النشاطات التي تتطلب المعلومات الحسية تتعلق بالتلفيفة الزاوية. إذا ما أصيب الفرد بأي خلل أو تلف في هذه المنطقة فإن معامل الذكاء ينخفض ما مقداره 20-30 نقطة على الأقل (Sylwester, 1982).

جدول أطوار نمو الدماغ والإستجابة العقلية (الإدراكية) لها الطور التكامل مناطق النمو الإستجابة العقلية للنمو 3-10 أشهر 3-10 أشهر تطور الخلايا والمخيخ المرحلة الحسية-الحركية (بياجيه) الحركة 2-4 سنوات 4-6 سنوات التلفيفة الزاويّة والسمع والرؤية الثنائية مرحلة ما قبل العمليات (بياجيه) تطور اللغة وإندماج الفكر\اللغة 6-8 سنوات 8-10 سنوات التلفيفة الزاوية مرحلة العمليات الحسية (بياجيه) قراءة\كتابة 10-12 سنة 12-14 سنة التلفيفة الزاوية النصف الأيمن الخلفي قشرة المخ الأمامية (النمو عند الإناث ثلاثة اضعاف عند الذكور) مرحلة العمليات المجردة (بياجيه) التفكير المجرد وحل المسائل 14-16 سنة 16 سنة فما فوق التلفيفة الزاوية النصف الأيسر الخلفي إيجاد المشكلة والوعي الذاتي

الخلاصة

تخلص الدراسة إلى أن العمر العقلي للإنسان هو عبارة مركب من القدرة الموروثة على التعلم ومن التجربة الغنية في حياة الفرد وعلى هذا الأساس فمقاييس العمر العقلي المعروفة لا تسمح بتقدير القدرة على التعلم وخاصة مع ظهور نظرية الذكاء المتعدد.

يرجع الذكاء العام إل عاملين هما: عامل الذكاء المتبلور الذي يتصل بالعمر العقلي ويعطي تقديرا لتطور الذكاء وقت القياس، والثاني هو عامل الذكاء السائل وهو تقدير لقدرة الطفل على تطوير مهارات عقلية جديدة أي ذكاؤه الإبداعي عند العمر الذي يؤخذ فيه القياس. إن قيمة هذا الذكاء المسمى بالسائل في القدرات اللفظية والعددية وفي التفكير تصل إلى قمتها في السنة الحادية عشرة من العمر أي أنها متلازمة مع طفرة نمو الدماغ الخاصة بهذا العمر اي من 10-12سنة، وعند الثالثة عشرة والنصف من العمر يصل عامل الذكاء السائل إلى أدنى أشكاله لأن القدرات الثلاثة السابقة: اللفظية والعددية والتفكير تقترب من الصفر. يستنتج من ذلك أن الذكاء الإبداعي ينعدم تقريبا من سن 13-14 سنة أي الفترة التي تلازم طور استقرار وركود نمو الدماغ (Cattell, 1971).

من أهم الفرضيات الناجمة عن نظرية أطوار نمو الدماغ هي أن المعلومات الفكرية يجب أن تقدم أثناء أطوار النمو التي يمر بها الدماغ. وهناك من الأدلة ما يكفي على أن القدرة على التعلم مرتبطة مباشرة بأطوار نمو الدماغ أثناء تسارعه وتعاظمه. لقد تطرق أتباع (بياجيه) لهذه الفكرة وحاولوا تطبيقها في المدارس. لقد حاول فيرث Furth (1970) مثلا في كتابه بياجيه للمدرسين تطبيق نظرية (بياجيه) في المعرفة وتعاون في ذلك مع واتشس Wachs (1974) في إدارة برنامج يتبنى نظرية بياجيه في إحدى مدارس ولاية فيرجينيا الغربية في الولايات المتحدة الأمريكية.

لقد حاولا استخدام تصنيف بياجيه في تطور الذكاء عند الأطفال وذلك لاستنساخ أنواع من النشاطات المدرسية توفى التطور الفكري للطفل. تكمن الفكرة فيما إذا كان الطفل يطور قدراته عند الأعمار المشار إليها في مراحل التطور الإدراكي عند بياجيه وبالتالي يكون قادرا على استخدام هذه القدرات المتطورة ليتعلم ما يقدم له في المناهج التعليمية بيسر وعمق كبيرين.

جاء صورة تطور نمو الدماغ مؤيدة لمثل هذه الفرضيات لأن حدوث فترات الإستقرار في النمو العقلي أو الدماغي يثير احتمال محاولات تقديم مهارات فكرية جديدة لا تمنى بالفشل فقط بل ويمكن أن تكون هذه المحاولات ذات أثر عكسي تماما. إن الأطفال الذين يتعرضون لمثل هذه الضغوط الفكرية والمعلومات الجديدة، وليس عندهم الاستعداد الكافي (من ناحية نمو الدماغ)، يرفضون مثل هذه المعلومات. يؤدي هذا الرفض إلى عدم القدرة على تلقي مثل هذه المعلومات في الوقت المناسب أيضا (أي عند بلوغ الطفل طور النمو المناسب). فكثيرا ما نسمع المدرسين والمدرسات ومديري ومديرات المدارس يتحدثون عن "عدم تقبل" الطلاب والطالبات للمعلومات في أعمار معينة وعلى وجه التحديد عند دخولهم المرحلة الثانوية. من ناحية تجريبية لا يمكن دراسة ظاهرة " عدم التقبل أو العزوف عن التعلم". إن فكرة طرح التحديات الفكرية الجديدة للأطفال أثناء أطوار نمو الدماغ تترك السؤال التالي بلا جواب حاسم ألا وهو ماذا يجب أن يقدم للطفل أثناء فترة الإستقرار في نمو الدماغ؟

لكن التخمين يفتح الباب أمام إجتهادات كثيرة عند محاولة الإجابة على هذا السؤال. فمثلا يمكن أن يقدم للطفل أثناء فترات الإستقرار أو الركود كميات كبيرة من المعلومات المتنوعة ذات الإرتباط المباشر بالطبيعة والعلوم والناس من حوله والعمل على توسيع قاعدة تجاربه ومعلوماته وتجنب ضغوط الإستنتاجات عن الطبيعة والعلاقات المتداخلة بين تلك التجارب. ويمكن أن تكون هذه الفترات (إستقرار النمو) أيضا فرصة سانحة لتقديم مهارات الحفظ المتعلقة بتعلم القرآن والشعر والأناشيد والحقائق التاريخية والجغرافية والحقائق العلمية والصحية والحقائق الكونية ….إلخ. وكذلك نستطيع اثناء فترات استقرار النمو أيضا مساعدة الأطفال على تقوية وتثبيت المهارات التي سبق وأن تعلمونا. وليس من الصعب إيحاد مثل هذه النشاطات؛ فالرجوع إلى نظرية بياجيه يوضح المهارات والنشاطات التي تخص كل مرحلة وتفرعاتها الخاصة بالأعمار أيضا. وبمعنى آخر بجب تكثيف المعلومات أثناء فترات الإستقرار والركود في النمو.

ولاحظنا أيضا أن هناك فروقات بين الإناث والذكور في بعض طفرات النمو وعلى وجه التحديد عند طفرة النمو الممتدة من (10-12) سنة. إن هذه الفترة تمتار بأهميتها بالنسبة للفتيات؛ حيث يبلغ نمو دماغ الفتاة ثلاثة أضعاف النمو عند الولد أثناء الطفرة المشار إليها آنفا. ومما هو جدير بالذكر أن الكثير من الفتيات يبدأن مرحلة البلوغ في هذه الفترة. فلقد استدل ماكلين MacLean (1978) في أبحاثه على أن التغييرات الهرمونية التي تحدث عند الفتيات والأولاد أثناء البلوغ يمكن أن تساعد على اكتمال الجزء الأمامي من قشرة المخ التي تعنى بالحنان والعطف والإيثار والأفكار والخطط المستقبلية.

ومن الظاهر أيضا ان كثيرا من نمو الدماغ في هذا الطور (10-12) سنة يحدث في النصف الأيمن الخلفي من المخ. والمعروف أن النصف الأيمن يقوم بمعالجة المعلومات بطريقة جمعية (كلية) وحدسية وهي التركيز على تركيب الأفككار المرتبطة ببعضها البعض أكثر من التركيز على تحليل التفاصيل التي تحدد تلك الأفكار. ومثل هذا التركيب غالبا ما يؤدي إلى أعمال إبداعية واختراعية. ففي أثناء هذه الطفرة من النمو يتمكن كثير من الإناث في الشروع في حل المسائل المعقدة في الرياضيات والعلوم أكثر من الذكور الذين يلقون التشجيع على ذلك. ويلاحظ أن المناهج غالبا ما تؤخر مثل هذا العمل حتى بداية طفرة النمو الممتدة من (14-16) سنة؛ حيث تناسب الذكور أكثر من الإناث لأن نمو الدماغ عند الذكور يبلغ ثلاثة أضعاف نموه عند الإناث في هذه الفترة. وبالتالي تصبح هذه المرحلة متأخرة بالنسبة للفتيات إذا أريد لهن استخدام نماذج نمو الدماغ.

توصيات

على ضوء ما تقدم، تطرح الدراسة التوصيات التالية لجميع المهتمين بعملية التعلم والتعليم:

يجب مراعاة تقديم المهارات والتجارب التعليمية الجديدة أثناء طفرات نمو الدماغ التي تقع ضمن الأعمار التالية: 3-10 أشهر، 2-4 سنوات، 6-8 سنوات، 10-12 سنة.
يجب تكثيف المهارات والتجارب التعليمية التي سبق وأن تعلمها الطفل أثناء فترات الاستقرار والركود Plateaus التي تعقب كل طفرة من طفرات نمو الدماغ. يمكن أن يتم ذلك بمساعدة الأطفال خارج الصف الدراسي لمضاعفة تعلمهم.
يجب توجيه التعليم إلى مساعدة الأطفال للوصول إلى مراحل التطور العقلي والفكري والإنتقال بهم من مرحلة إلى أخرى في الأوقات المناسبة؛ مما يعطي لإستراتيجيات المدارس والمناهج وقعا خاصا. فعند بلوغ الطفل مرحلة معينة من مراحل النمو العقلي أو الدماغي، يجب تكثيف المهارات الجديدة لاكتساب المفاهيم الجديدة والمؤدية إلى العمليات والمواضيع التي تناسب المرحلة العقلية الجديدة.
يجب تطوير مناهج وبرامج تعليمية تعمل على تقدم وتحسن عملية التعلم والتعليم أي مضاعفة فاعلية هذه العملية ككل. إن اختيار مادة المناهج وأساليب التدريس يج أن يكون مطابقا لمراحل التطور العقلي ولأطوار نمو الدماغ.
يجب عقد دورات وورش عمل تدريبية للمدرسين والمدرسات تهتم بتوعيتهم بنظريات التطور العقلي وعلاقتها بأطوار نمو الدماغ وكيف يتم التوفيق بينهما. ويمكن أن تركز الدورات وورش العمل على مثل المواضيع التالية: مراحل التطور العقلي ومستوياتها، وأطوار نمو الدماغ وعلاقتها بمراحل النمو العقلي، والعلاقة بين التطور العقلي والتطور العاطفي والوجداني.
يجب أن تولى الفتيات عناية خاصة أثناء طور النمو الدماغي الممتد من 10 إلى 12 سنة. لأن هذا الطور يتميز بأهميته بالنسبة للفتيات حيث يبلغ نمو الدماغ أشده في هذه الفترة. ولكن نلاحظ أن المناهج غالبا ما تؤخر المعلومات التي تتعلق بالمسائل المعقدة في الرياضيات والعلوم إلى مراحل متأخرة بالنسبة للفتيات بحيث تناسب طفرة نمو الأولاد (14-16) سنة.
المصادر

Arlin, P. “Cognitive Development in Adulthood: A Fifth Stage?” Developmental Psychology 11: 602-606 (1975).
Banks, M.; Aslin, R. & Leston, R. “Sensitive Period for the Development of Human Binocular Vision, Science 190: 675-677 (1975).
Brown, A. “Conservation of Number and Continuous Quantity in Normal, Bright and Retarded Children,” Child Development 44: 376-379 (1973).
Cattel, R. “The Structure of Intelligence in Relation to the Nature-Nurture Controversy,” in Intelligence, edited by R. Concro (New York: Grune and Stratton, 1971.
Epstein, H. “Phrenoblysis: Special Brain and Mind Growth Periods I. Human Brain and Skull Development,” Developmental Psychobiology 7(3): 207-216 (1974).
________. “Growth Spurts During Brain Development: Implications for Educational Policy and Practice,” in Education and the Brain, eds. J. S. Chall and A. F. Mirsky (National Society for the Study of Education Yearbook, Chicago University Press, 1978).
________. “Some Biological Bases of Cognitive Development,” Bulletin of the Orton Society, vol. 30, 1980.
Fischer, K. W., & Lazerson, A. Research: Brain spurts and Piagetian periods.” Educational Leadership, 41(5), 70, 1984.
Furth, H. Piaget For Teachers. (Englewood Cliffs, N. J,: Prentice Hall, 1970).
Furth, H.& Wachs, E. Thinking Goes to School Piaget’s Theory in Practice. (N. Y.: Oxford University Press, 1974).
Lenneberg, E. Biological Foundations of Language. (N. Y.: John Wiley & Sons, 1967).
MacLean, P. Ä Mind of Three Minds: Educating the Triune Brain,” in Education and the Brain, eds. J. S. Chall & A. F. Mirsky (National Society for the Study of Education Yearbook, Chicago University Press, 1978).
Piaget, J. Psychology of Intelligence (Totowa, N. J.: Littlefield, Adams and Co., 1969).
Sylwester, R. “A Child’s Brain,” Instructor, Sept. 1982: 91-95.
Vygotsky, L. “The Problem of Age Periodization of Child Development,” Human Development, 17: 24-40, 1974.
Webb, R. “Concrete and Formal Operations in Very Bright Six- to Eleven-Year Olds,” Human Development, 17: 292-300, 1974.
Wenneberg, E. Auditory Training of Severity Hard-of-Hearing Preschool Children,” Act Otolaryngological Supplement, 110, 1954.
Whitehead, A. The Aims of Education (N. Y.: Mentor Books, 1929.
Winick, M. & Rosso, P. “Head Circumference and Cellular Growth of the Human Brain in Normal and Marasmic Children,” Journal of Pediatrics, 74: 774-778, 1969.

منقــــــــــــــــول للفائدة,,,,,,,,,,,,

الجمعة، 12 سبتمبر 2014

مخروط الخبرة


يتوافق هذا المخروط مع مراحل النمو العقلى حيث يحتاج الإنسان فى مرحلة الطفولة للأشياء الملموسة أو المحسوسة ليتعلم  وتبدأ تلك المرحلة مع ميلاد الطفل تقريبا
ثم تأتى المرحلة التالية والتى يستطيع الإنسان فيها التعامل مع أشياء شبه محسوسة وأخر مرحلة هى مرحلة التعامل مع الأشياء المجردة وتكون تلك المرحلة تقريبا فى سن الثانية عشر وحتى الثامنة عشر.

الاثنين، 8 سبتمبر 2014

مدارس التعلم القائم على المشروعات

مدارس التعلم القائم على المشروعات:

 هي نماذج للإصلاح المدرسي القائم على الأفكار التعليمية للتربوي الألماني كورت 
هان مؤسس منظمة أوتورد باوند، ويوجد هذا النوع من التعلم في ما يزيد عن 150 مدرسة في 30 ولاية إلى جانب مقاطعة كولومبيا. ويمكن تمثيل هذه المدارس برحلات للتعلم القائم على المشروعات ينخرط فيها الطلاب في دراسة متعمقة ومتعددة التخصصات لمواضيع مهمة في مجموعات وفي المجتمع، مع تقييم الطالب من خلال النواتج التراكمية والعروض التقديمية العامة ومجموعة الأعمال التي يقدمها. ويؤكد هذا النموذج على مستويات عالية من مشاركة الطالب والإنجاز وتنمية الشخصية
مبادىء تصميم المشروعات:
تمثل المبادئ التالية الخاصة بتصميم المشروعات أساسًا أخلاقيًا وثقافيًا لكل مدرسة من مدارس التعلم القائم على المشروعات، كما أنها تعبر عن القيم الأساسية والفلسفة التعليمية لهذا النوع من التعلم.
الأولوية لاكتشاف النفس يفيد هذا المبدأ بأن التعلم الأفضل يتحقق باشتراك العاطفة والتحدي والدعم الضروري، حيث يكتشف الأشخاص في المواقف التي تنطوي على المغامرة والمفاجأة قدراتهم وقيمهم وعواطفهم والمسؤوليات الواقعة عليهم، لذا فإن المهمة الأساسية للمعلم هي مساعدة الطلاب في التغلب على مخاوفهم واكتشاف أنه بمقدورهم فعل ما يفوق أنهم يعتقدون فعله.
وجود الأفكار الرائعة يؤكد هذا المبدأ على أهمية تعزيز الفضول بشأن العالم من خلال خلق مواقف تعلم تقدم شيئًا هامًا للتفكير فيه وتتيح وقتًا للتجربة وفرصة لفهم الملاحظات.
مسؤولية التعلم يقول هذا المبدأ بأن التعلم عبارة عن عملية شخصية من الاستكشاف إلى جانب كونه نشاطًا اجتماعيًا، لذا تشجع جميع أوجه مدارس التعلم القائم على المشروعات الأطفال والبالغين على الشعور المتزايد بالمسؤولية تجاه توجيه التعلم الشخصي والجماعي لديهم.
المشاركة الوجدانية والرعاية يعتقد هذا المبدأ أن التعلم يتعزز على النحو الأفضل في المجتمعات التي تلقى فيها أفكار الطلاب والمعلمين الاحترام وتسود فيها الثقة المتبادلة، فعادة ما يسدي الطلاب الأكبر سنًا النصح للطلاب الأصغر كما يشعر الطلاب بالأمن المادي والشعوري.
النجاح والفشل ينص هذا المبدأ على أن الطلاب في حاجة إلى تحقيق النجاح لبناء الثقة في أنفسهم والقدرة على اتخاذ المخاطرة ومواجهة التحديات المختلفة، إلا أنه من المهم أيضًا أن يتعلمون من فشلهم ويثابروا عند مواجهة الصعاب ويتعلموا كيفية تحويل المعوقات إلى فرص.
التعاون والتنافس يضع هذا المبدأ مدارس التعلم القائم على المشروعات في موضع تحقيق التكامل بين تنمية الفرد وتنمية المجموعة بحيث تتجلى قيمة الصداقة والثقة والعمل الجماعي، كما تشجع الطلاب على التنافس، ليس فيما بينهم البعض، ولكن التنافس مع أفضل الإمكانات الشخصية داخلهم ومعايير التفوق الصارمة.
التنوع والشمولية يُعتقد بأن التنوع والشمولية يزيدان من ثراء الأفكار والقدرة الإبداعية واحترام الآخرين والمقدرة على حل المشكلات، حيث إن المدارس ومجموعات التعلم متباينة في أفكارها.
العالم الطبيعي يساعد هذا المبدأ على إقامة علاقة مباشرة قائمة على الاحترام مع العالم الطبيعي وهو ما يجدد الروح الإنسانية ويعلم الأفكار الهامة مثل الدورات متكررة الحدوث والسبب والنتيجة، كما يتعلم الطلاب أن يكونوا مسؤولين عن الأرض والأجيال القادمة.
العزلة والتأمل يقول هذا المبدأ بحاجة الطلاب والمعلمين إلى وقت للاختلاء بأنفسهم لدراسة ما يجول بتفكيرهم والربط بينها والخروج بأفكارهم الخاصة، كما يلزمهم أيضًا تبادل تأملاتهم مع الطلاب الآخرين والأشخاص البالغين.
المساعدة والرأفة يكون التأكيد هنا على تدعيم الطلاب والمعلمين من خلال الأعمال الناتجة عن تقديم الخدمة للآخرين، فمن بين الوظائف الأساسية لمدارس التعلم القائم على المشروعات تزويد الطلاب بالسلوكيات والمهارات للتعلم من المساعدة وتعلم أن يكون في خدمة الآخرين.
منظمة أوتورد باوند لمدارس التعلم القائم على المشروعات:
تعد منظمة أوتورد باوند لمدارس التعلم القائم على المشروعات       (Expeditionary Learning Schools Outward Bound) المنظمة الرئيسية التي تعمل مع المدارس لإعداد البرامج وتنفيذها، فهي تزود المدارس بالمناهج والأطر التعليمية إلى جانب إستراتيجيات لتغيير ثقافة المجتمعات التي تقع فيها المدارس، كما تعمل المنظمة على تطوير مدارس جديدة ومساعدة المدارس القائمة على التحول إلى هذا النموذج من خلال إبرام عقود تمتد لعدة سنوات مع المدارس والمناطق المدرسية
معلومة تاريخية:
في العام 1992، كان مقترح التعلم القائم على المشروعات الذي قدمته منظمة أوتورد باوند واحدًا من 11 مقترحًا اختارتها منظمة تطوير المدارس الأمريكية الجديدة (New American Schools Development Corporation) لتمويلها من بين حوالي 800 مقترح مقدم بهدف الإصلاح الشامل للمدارس (عن: الموقع الإلكتروني لمنظمة أوتورد باوند لمدارس التعلم القائم على المشروعات) تم إطلاق مدارس التعلم القائم على المشروعات عام 1993 بعشر مدارس في 5 مدن أمريكية هي: مدينة نيويورك وبوسطن وبورتلاند، مين ودنفر ودوبوك، أيو
النتائج:
منذ إنشائها قبل 16 عامًا، ومدارس التعلم القائم على المشروعات محل ثناء وإشادة عظيمين وتحظى بآراء إيجابية من الكثير من المراقبين والباحثين الخارجيين، فكتبت عنها مجلة نيويورك تايمز (The New York Times) بشكل إيجابي كما قام كل من معهد راند قطر للسياسات (RAND) والمعاهد الأمريكية للأبحاث             (The American Institutes for Research) والمجلس القومي لتطوير الموظفين (The National Staff Development Council) ومركز أبحاث تعليم الطلاب المهددين بخطر الفشل (The Center for Research on the Education of Students Placed At Risk) بتقييم نماذج مدارس التعلم القائم على المشروعات وممارساتها وذكروا نتائج إيجابية منها تحقيق مستوى أعلى في تحصيل الطلاب ومشاركتهم وترقية الثقافة المدرسية بشكل أكثر إيجابية وإنتاجية.
 وفي تحليل مركز أبحاث تعليم الطلاب المهددين بخطر الفشل لتسعة وعشرين نموذجًا لإصلاح المدارس الشاملة والذي أجري عام 2002، منح المركز مدارس التعلم القائم على المشروعات أعلى تصنيف تم منحه لأي نموذج أنشئ في السنوات العشر السابقة.
وفي فبراير من العام 2009، زار الرئيس باراك أوباما المدرسة المستقلة العامة في المدينة العاصمة وهي إحدى مدارس التعلم القائم على المشروعات في واشنطن العاصمة وقال إنها "نموذج لما ينبغي أن تكون عليه مدارسنا".